لمس الحنان / شعر سلامة إمام
أُمّاهُ يَا لَمْسَ الْحَنَانِ وَنَبْعَهُ
أُمَّاهُ يَا وَجْداً يَبُوحُ فَأَكْتُمُ
أُمَّاهُ يَا شِعْراً يُسَطِّرُ نَفْسَهُ
فَالرِّيشُ شِرْيَانِي وَمِحْبَرُهُ الدَّمُ
أُمَّاهُ يَا شَوْقاً تَضَرَّمَ فِي الْحَشَا
فَغَدَتْ مَآقِيَ بِالمَدَامِعِ تُسْجِمُ
أُمَّاهُ يَا نُوراً تَسَطَّعَ فِي الدُّجَى
نَوَّرْتِ لِلدُّنْيَا وَكَانَتْ تُظْلُمُ
قَدْ كُنْتِ يَا أُمِّي حِمىً لِيَ أَحْتَمِي
مِنْ ذِي الْحَيَاةِ فَتَبْسُمِينَ وَأَبْسُمُ
وَالْيَوْمَ هـٰــأَنَذَا أُقَاسِي لَا أَرَى
غَيْرَ الضَّنَى آسٍ فَلَا أَتَـــكَلَّمُ
أَمْضِي وَأَخْطُو صَامِتاً وَالْهَمُّ يَــ
ـــتُــلُنِي وَأُوهِمُ أَنَّـنِي لَا أُولَمُ
مَا آمَنَتْ مُهَجِي الْحَيَاةَ مَرَارَةٌ
حَتَّى تَوَدّعَنِي الْحَنَانُ الْبَلْسَمُ
وَدُمُوعُكِ الْمِدْرَارُ مَـا أُنْسِيتُهَا
كَلّا وَلَا ذَاكَ الْأَنِينُ الْمُعْجِمُ
أُمّاهُ كَمْ طَالَتْ لَيَالِي بَعْدَكُمْ
مَا خِلْتُهَا يَوْماً تَطُولُ وتُبْهِمُ!
لَمَّا أَرَى طِــفْلاً يُخَـــاصِرُ أُمَّـهُ
مُتَحَيِّراً عَجِلَ الْخُطَى كَيْ يَسْلَمُ
تَهْوِي بِيَ الذِّكْرَى وَتُسْبِلُ أَدْمُعِي
فَأَكَادُ مِنْ فَرْطِ الصَّبَابَةِ أُضْـرَمُ
يَا رَبّ أَجْمِعْنِي بِهَا مَــعْ إِخْوَتِي
نُسْقَى الْمُدَامَ مُشَعْشَعاً وَنُنَعّمُ
يَا رَبّ مَتِّعْنَا بِهَا وَامْحُ الــنَّــوَا
ئِــبَ كَيْ نَرَاهَا كُلَّ حِينٍ تَبْسُمُ
التعليقات