• ×

03:09 مساءً , الإثنين 9 مايو 1446

هل أنا جدير ؟ وماذا عن الإلهام وما علاقته بالخوف / حامد علي عبد الرحمن

بواسطة : admin
 0  0  1643
زيادة حجم الخطزيادة حجم الخط مسحمسح إنقاص حجم الخطإنقاص حجم الخط
إرسال لصديق
طباعة
حفظ باسم
 هل أنا جدير ؟ وماذا عن الإلهام وما علاقته بالخوف / حامد علي عبد الرحمن

هل أنا جدير ؟
هل الشعور بالخوف ضرورة للتّغير ؟
عم كان يبحث ؟ وماذا ينتظر ؟ ومتى ؟

نبدأ هذه القصة أو هذه الخاطرة أو هذه المقالة سموها ما شئتم كل ذلك ينطبق عليها بطرح التساؤلات السابقة ثم نبدأ في الإجابة عليها أو بمعنى أدق محاولة الإجابة عليها .. لأن الإجابة ماهي إلا محاولات اجتهادية فبعض الأسئلة أكبر من أي إجابة .. يزيد من تعقيد الحال .. نسبية الصواب .. وتباين الفهم .. وتشتت المعنى .. بعض الأسئلة تولد أسئلة والأسئلة تولد أسئلة في سلسلة لا تنتهي ..
اسئلة أحيانا محرجة .. وليست محرجة بحد ذاتها .. بل الإجابة عليها بصدق هو المحرج لأنه يكشف ضعفنا وعجزنا وتهافتنا
ولكن يبقى السؤال ضرورة للتعلم والفهم ..
إِذا كنتَ لا تـدري ولم تكُ بالـذي
يسائلُ مَن يدري فكيفَ إِذن تَدْري؟
فالتساؤل وطرح الأسئلة كان ولا زال أهم وسيلة للمعرفة بل هو الوسيلة الوحيدة . الأسئلة تحاصرنا وتحيط بكل تفاصيل حياتنا .. لا نستطيع الهرب منها مهما حاولنا .. وما أفعالنا ولا أقوالنا إلا إجابات أو ردات فعل للأسئلة التي تواجهنا سواء كانت الأسئلة صريحة واضحة مسموعة أو كانت الأسئلة باطنة غامضة صامتة . كل فعل نقوم به ما هو في الحقيقة إلا نتيجة لسؤال صدر من الباطن أدركنا ذلك أم لم ندركه ..
نرجع لموضوعنا
هل أنا جدير ؟
كل منّا يأمل .. آمال روحية ومعنوية.. وآمال مادية وجسدية .. وأحيانا تكون آمالا عرضية جدا .. فبقدر العقل والطموح تكون الآمال .
ولكن قبل أن نآمل أو نحلم ينبغي لكل واحد منا أن يسأل نفسه هذا السؤال المهم جدا . هل أنا جدير بهذه الأمنية ؟
والأهم أن يجيب عليه بمنتهى الصراحة .. ..
وإذا كان موهوبا في الإسقاطات والتهرب واختلاق الاعذار وكان يجيد خداع الذات .. فينبغي التخلص من هذه الموهبة هنا .. حتى ولو بشكل مؤقت .. الصراحة هنا ضرورية للوصول إلى الصدمة والحصول على الفائدة ..
الأماني كثيرة والتطلعات كثيرة والأحلام كثيرة .. ولكن هل أنا جدير بتحقيق هذه الأحلام . هل أنا أستحقها فعلا .. هل قدمت ما يجب علي ؟
وقبل أن أشكو الزمان وأهله وألعن الحظ وسوءه وقبل أن أقارن نفسي بغيري ..
يجب أن أسأل نفسي .. هل أنا جدير ؟ هل قمت بواجبي كما ينبغي .. هل أستحق ذلك الشيء أم لا ؟
فمثلا ..
أريد أن يحبني الناس .. وأنا أحقد .. وأحسد .. وأكره ..هل أنا جدير ؟
اريد السكينة والاطمئنان والرضا وراحة البال .. وأنا بعيد عن الله ..هل أنا جدير ؟
أريد البركة والعلم .. وأنا لا قيمة للوقت عندي .. سهر .. ولهو .. وعبث .. هل أنا جدير ؟
أريد الفلاح والنجاح والتميز .. وأنا غارق في الكسل والخمول .. هل أنا جدير ؟
أريد الخاتمة الحسنة .. وأنا أجتر تلك العادات السيئة لسنوات لم أستطع الخروج منها .. هل أنا جدير ؟
وهكذا .. في كل أمور الحياة ..
أريد و أريد ....... ولكن .. هل أنا جدير ؟
هل أنا جدير بما أحلم به ؟ أو بما أطمع فيه ؟ أو بما اتمناه ؟
هذا السؤال كفيل بإعادتنا إلى الواقع ..
والأهم والأقوى والأجمل ..
هل أنا جدير بما أملك ؟ .. وهل أستحقه فعلا ؟ ..
هل أنا جدير بالشهادة التي أحملها .. أو بالوظيفة التي أعمل بها .. أو بالراتب الذي أتقاضاه .. أو بالسمعة التي أحظى بها .. هل أنا جدير ؟
هل أنا أفضل من غيري فعلا حتى استحق هذا ؟
الإجابة على هذا السؤال بصدق سوف يكشف مدى ضآلة البعض وقزميته .. هذا السؤال سوف يعرّينا أمام أنفسنا .. هذا السؤال يجعلنا نعيد تصنيف أنفسنا ووضعها في مكانها الصحيح .. ويجعلنا نحاول ونجتهد أن نكون جديرين بما نحن فيه أو بما نتمناه .
هذا السؤال وهو الأهم يجعلنا نقدّر نعم الله علينا والتي لا تعد و لا تحصى .
كن جديرا بما تحلم به .. تتحقق أحلامك ولو بعد حين . هذه سنة ربانية كونية
وفي هذا السياق .. نتحدث عن الإلهام .. ونقصد به هنا الأفكار العظيمة والأعمال الجليلة .. ونقصد به الدوافع للعمل الجاد المنتج ..
أيا كانت تلك الدوافع فهي إلهام .. حتى ولو كانت كلمة من حاقد أو حاسد أو جاهل .. كل ما يدفعنا إلى الأمام هو إلهام .
وعند الحديث عن الإلهام والإبداع هنا أسئلة تتبادر إلى الذهن .
هل نمط حياتنا هو ما يجعلنا نستشعر الإلهام .. وهل المجتمع المحيط بنا له علاقة بالإلهام والإبداع وهل صحيح أن الإلهام لا يهبط إلا على من يستحقه، ولا يستحقه إلا من هيأ نفسه له كما يقال (( ورود الإمداد على قدر الاستعداد .. وشروق الأنوار على قدر صفاء الأسرار )) ..
إن الرجل العظيم هو من لا تؤثر فيه كثرة الإحباطات ولا يكترث كثيرا لسهام الحاقدين والحاسدين ولا يلقي بالاً لكثرة المثبطين . بل على العكس ربما تكون الاحباطات والعراقيل مصدر إلهام ودافع للتميز .. فالرجل العظيم حيث ما وجد تميز .
الحديث عن الإلهام مغر ولذلك سنستطرد قليلا
من أين يأتي الإلهام ؟ .. وقبل ذلك ما هو تعريف الإلهام ؟
الإلهام : إنه ذلك النداء الخفي وتلك الأفكار الحالمة ، إنه حالة من انعتاق الروح إنه الشعور بالحماس والاندفاع لفكرة ما أو لعمل ما .. الإلهام يحتاجه كل شخص منا للتخفيف من وطأة الواقع وشدة قتامته أحيانا ، نحتاجه لنتغير ونحتاجه لنتطور .. إنه الجانب السحري من حياتنا وكل منا له طريقته في الحصول على الإلهام .. ولذا يجب علينا البحث والتنقيب واكتشاف مصادر للإلهام ثم التركيز على تشكيل إلهامنا الخاص بنا بطريقة صحيحة، فالتعبير عن دواخلنا وإظهار ذلك التعبير للنور ليس بالأمر الهين على الإطلاق وإنما يحتاج لقوة خفية تنبع من دواخلنا وتشجعنا على المضي قدما تلك القوة هي قوة الإلهام.
نستلهم القوة أحيانا من .. المواقف .. من الاخفاقات .. من الظلم ..
نستلهم القوة من .. التأمل .. والتفكر .. والتدبر ..
نستلهم القوة من الخروج إلى فضاءات أوسع وأرحب ( الإنغلاق قاتل للإلهام ) ..فضاءات لا يضايقنا فيها أحد .. ولا يسطو علينا فيها أحد .. ولا يزعجنا فيها أحد .
نستريح من اللهاث والطراد ( نبحث عن الضوء هنا وهناك ) .. نتحرر من الصور النمطية .. نتوقف ولكن لنبدأ ... ونهدأ ولكن لنثور ..
كن جديرا .. لتتحقق أحلامك ..
............
هل كان يحتاج إلى الشعور بالخوف ليتغير ويكون جديرا ؟ دعونا نعيد صياغة السؤال .. هل الخوف أحد ركائز الإلهام .
الإنسان كائن عجيب ويتأثر بأشياء عجيبة .. أحيانا بكلمة .. وأحيانا بنظرة .. وأحيانا بخاطرة ..
أخطر طاقة يملكها الانسان ..هي التفكر والتأمل .. والبعض للأسف .. لا يعرف عن ذلك شيئا ..
الإنسان يعيش بالدوافع وللدوافع ومن الدوافع .. هكذا تركيبته بدون الدوافع لا يصنع شيئا .
الدوافع .. تعني الأسباب .. تعني الأهداف .. والدوافع تعني الحب .. تعني الخوف ..
العاقل .. لا يعمل شيء هكذا بدون سبب .. وعند الرجوع إلى أصل الأسباب نجد الخوف هو الأصل .. ليس الخوف من الألم فقط .. الخوف يدخل في كل شيء حتى في الحب .. فالخوف من خسارة من نحب هو خوف .. الخوف من الحرمان هو خوف .. والخوف من الخسارة عموما هو خوف .. وكلها دوافع ..
وإليكم هذه المعادلة ..
كلما خاف الإنسان .. كلما كان مُلهما وأبدع وأنتج أكثر ..
وكلما تبلد الإنسان .. ( التبلد هو عدم الإحساس ) كلما قل خوفه وقل تميزه وقل إنتاجه ..
الذي لا يخاف من ( الرسوب) الفشل مثلا .. لا يهتم ولا يدرس .. الذي لا يخاف على وظيفته لا يهتم ولا يعمل .. الذي لا يخاف على سمعته لا يهتم .. ويرتكب الحماقات ... وهكذا ..
والأهم من ذلك كله ...
الذي لا يخاف من عقاب الله .. لا يتقي الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة .. هنا يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على أن الخوف هو الدافع الأساسي للعمل .. ( من خاف أدلج )
وهنا أيضا حديث غاية في الأهمية يدل على أهمية الخوف وأنه ضرورة للعمل ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه جل وعلا أنه قال : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين ، إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ، وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة .. صححه الألباني ..
أيضا هنا قاعدة مهمة .. مقدار الخوف مرتبط باليقين .. ( اليقين مرحلة متقدمة من الإيمان) .. لا نخاف من الأمر أيا كان إلا إذا تيقنا منه .. فأنت تخاف من ضرره إن كان مكروها أو من خسارته إن كان محبوبا وكلما زاد اليقين زاد الخوف ..
وأيضا الخوف مرتبط بالقوة .. عندما يخاف الإنسان فإنه يسعى أن يكون قويا ويحاول أن يمتلك كل أسباب القوة .. لأن القوة تعني الأمان ..
المال قوة .. والجاه قوة .. والصحة قوة .. والعمل للوصول إلى كل ذلك مطلب ..
ولكن هناك قوة أعظم وأهم .. وكل تلك القوى لا تعني شيئا بجانبها ..
إنها قوة الله رب العالمين ..
.......
عم كان يبحث ؟ وماذا ينتظر ؟ ومتى ؟
يبحث عن الإلهام .. عن الفكرة .. عن شرارة لينطلق ويتحدى ذاته وملذاته ومذلاته ..
يتحدى ضعفه وعجزه وكسله .. يبحث عن ما يولد عنده العزيمة فيقطّرها في أقداح الأمل ويشربها هنيئا مريئا ..
وماذا ينتظر ؟
إذا لم يبدأ واستمر في الإنتظار فهو في الغالب ينتظر .. الوصول إلى المرحلة الحرجة التي يتفتق عندها الإلهام والطاقة ..
ولكن المرحلة الحرجة خطيرة جدا جدا أحيانا ..وانتظارها مغامرة خطيرة .
المرحلة الحرجة ربما تكون .. دنو الأجل .. وربما تكون مرضا عضالا .. وربما تكون مصيبة .. وفي احسن حالتها خسارة عظيمة لايمكن تعويضها
هل نغامر وننتظرها حتى نتغير ..
أما متى ؟
متى يكون ذلك الانعتاق ؟ ولإنطلاق ؟ والتحرر
اترك الإجابة على هذا السؤال لفهمك أخي الكريم

كتبها / حامد علي عبد الرحمن أنقر على الأسم لمعرفة المزيد عن الكاتب

..

التعليقات

التعليقات ( 0 )

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:09 مساءً الإثنين 9 مايو 1446.