رُهاب التدين .. وموضة الانتقاص من المتدين / حامد علي عبد الرحمن
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد .. أما بعد
أصبح التنصل من مظاهر الدين موضة .. وأصبح التفنن في إلصاق التهم بالإسلاميين تحضر وثقافة ..
لن تكون مثقفا ومتحضرا .. في نظر البعض إلا إذا .. انتقصت من الدين ومظاهر التدين .. لن تكون مثقفا ومتحضرا .. إلا .. إذا طعنت في الشيخ الفلاني .. وسببت الشيخ العلاني ..
وكلما خرج عندنا .. معتوه .. أو متطرف .. أو ارهابي .. اتهمنا الدين والمتدينين .. واتهمنا المناهج والأحاديث .. وحتى القرآن ..
تلك المناهج والمذاهب التي يصبون جام غضبهم عليها .. أخرجت لنا ... علماء حقيقيين .. في الماضي .. وأيضا في الحاضر .. تخرج عشرات الأطباء والمهندسون والعلماء من تحتها ... لم نجد أحد هؤلاء يقول أن الإسلام صنعهم .. أو أن الإسلام هو السبب في تميزهم .. وعندما يخرج لنا معتوه واحد فهم الدين خطأ وتطرف وفجر وانتحر .. قالوا .. الإسلام .. ابن تيمية .. السلفية .. الوهابية .. ونسينا عشرات النماذج المشرّفة في الماضي والحاضر ..
المذاهب .. نحن من انتجها وأطّرها .. وسوّق لها .. لم يقم الإسلام على المذاهب أصلا .. ولا يوجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة أي منها .. ولكن سطحية الناس وجهلهم ... وسذاجتهم .. هي من أظهر هذه التصنيفات وهذه التقسيمات .. وهذه التعصبات .
للأسف انساق الكثير من الناس وحتى المحسوبون على الثقافة وراء فكرة انتجها أعداء الإسلام تُصور الإسلام على أنه متخلف ورجعي وظهر مصطلح ( الأسلمة ، ، والإسلاميين ، الأدلجة .. إلخ ) .. أعداء الإسلام هم من سوّق لمثل هذه الأفكار ..
هناك اخطاء ما في ذلك شك .. ولكنها اخطاء شخصية وفردية .. لا تمثل الإسلام .. من قال أن هناك عالم أو شيخ أو إمام كامل ومعصوم عن الخطأ .. أو فوق النقد .. ومن قال أن هناك كتاب غير القرآن بدون اخطاء .. لم يقل بذلك أحد لا من الأولين ولا من الآخرين ..
وأيضا .. إذا اخطأ أحد العلماء في مسألة واحدة أو مسائل قليلة معدودة .. هل من الإنصاف نسف كل ما قدم .. هل من العدل والتحضر تجاهل وإنكار فضله ..
الغريب والمخجل .. أن البعض يسب ويشتم .. وينتقص من العالم الفلاني أو الإمام العلاني وهو لا يعرف عنه شيئا ولم يقرأ له شيئا .. أي تحضر وأي ثقافة .. انتجت لنا مثل هذه الجرأة على العلم والعلماء .. أي تحضر وأي ثقافة انتجت لنا مثل هؤلاء الببغاوات الإمعات السذج ..
تكونت ظاهرة الرُهاب الديني إذا صح التعبير لدى مجموعة كبير من المسلمين .. فأصبحوا ينفرون من التحلي بمظاهر الالتزام .. خجلا .. حياء .. غباء .. خوفا .. تقليدا ..
الكثير من الناس ولله الحمد والفضل والمنة فيهم تقوى وفيهم خوف من الله وعندهم حب للسنة النبوية .. ومع ذلك تجدهم .. يتنصلون في مظاهر التدين رغم قناعتهم بأن هذا أو ذاك من السلوك ، هو من السنة النبوية المطهرة وأنه هو الصواب .. مثلا : الخجل من إطلاق اللحية .. (وحلق اللحية ) ليست كارثة وليست مصيبة في حد ذاتها .. ولكنها تكون كذلك .. إذا كانت حياء وخجلا وتهربا أو إذا كانت .. حتى لا يقال عنه إسلامي أو ملتزم .. (( يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية .. ))
وهنا تنبيه مهم جدا .. كل من روّج لفكرة سلبية عن الإسلام .. وعن الملتزمين وعن الأئمة .. هو يساعد في زيادة رهاب الناس من التدين والاتّصاف بالتدين .. وسيكون عليهم وزرها يوم الحاسب .. كل من سخر أو استهزاء بملتزم يحاول الاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم سوف يحاسب على ذلك يوم الحساب .. قال تعالى : وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ .. أصبح عند الكثير للأسف رهابا وخوفا من إطلاق اللحية .. مما يسمع ومما يقال عن أصحاب اللحى ..
ليس للبعض من شغلة .. إلا .. اللحى وأصحاب اللحى وكأنه لا يوجد في الدنيا قضية غيرهم ...
ليس للبعض شغلة .. إلا .. الانتقاص من الأئمة .. أو من كتبهم ومؤلفاتهم .. وكأنهم هم سبب الفساد في الأرض ..
شغلة البعض الشاغلة .. حجاب المرأة وكيف ينزعونه .. وكأن الحجاب هو سبب التخلف والرجعية .. يدافع وينافح ويدعو للاختلاط .. وكأنه أخذ تكليفا رسميا من ابليس أو كأنه وقع معه عقدا لنشر السفور والتبرج .. أحيانا يفعل ذلك بسذاجة وسطحية مجرد ببغاء .. واحيانا يفعل ذلك بخبث ونوايا سيئة .. قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
يقول الله تعالى : وليس الذكر كالأنثى وهم مصرون على المساوة .. مصرون على إقحامها في كل ميدان .. فأصبحت تعمل في أماكن مخجلة جدا .. لا ينبغي للحرة أن تعمل فيها .. ولا ينبغي لأصحاب المروءة والشهامة والرجولة الموافقة على عمل نسائهم فيها ..
عندما نريد أن نوضح أو ننقد عالما من العلماء أو كتابا من الكتب .. يجب أن يكون ذلك بأدب ووفق المنهج العلمي .. وهذا ما حدث عبر التاريخ كل كتب التراث العلمي سواء في الدين أو غيره .. تعرضت للدراسة والنقد .. حتى بين الطلاب واساتذتهم ولكن وفق المنهج العلمي .. الهدف العلم والهدف الحق والهدف التصحيح .. ينقدون بعد أن يدرسون .. يقرأون الكتاب كاملا وربما أعادوا قراءته مرات .. ثم بعد ذلك يعرض الواحد منهم رأيه ونقده ومعارضته .. وبأدب أيضا .. دون انتقاص أو تحجيم أو تنقيص ..
هنا سؤال مهم جدا لكل من يريد الإصلاح .. لكل من يؤمن بأن الإسلام دين التسامح ودين العدل ودين الرحمة .. لكل من يريد أن ينشر الإسلام الحقيقي
ما هو الحل في نظرك ؟ ..
هل الحل في الانتقاص من علماء المسلمين ؟
هل الحل في الابتعاد عن الإسلام والتنصل من مظاهره ؟
هذه ليست حلولا .. هذا ما يبحث عنه اعداء الإسلام ..
الحل من وجهة نظري المتواضعة يكمن في ..
ـ الفصل بين الإسلام وبين الأشخاص ... فلا نطلق الألفاظ العامة والعائمة هكذا إسلاميين أو أسلمة .. على أشخاص ربما الإسلام بريء منهم .. وإذا اخطأ ملتحٍ لا يجب أن نسقط ذلك على بقية أصحاب اللحى .. وإذا اخطأ حافظ للقرآن لا نبغي أن ننتقص من حملة القرآن ونتهمهم جميعا .. وكذلك بقية الأخطاء التي يرتكبها بعض الملتزمون .. سواء ضعفا أو جهلا .. هم بشر واخطاءهم خاصة بهم .. لا ينبغي التعميم .. التعميم ظلم وتخلف ..
ـ عندما يبتعد أصحاب الفكر النير ويتركون .. الذين طبقوا الدين خطأ وفهموا الدين خطأ .. يتصدرون المشهد ويستأثرون بالإسلام ويشوهون صورته ..
إنساحبهم وتخليهم ... يساهم في ضعف الإسلام وفي إعطاء صورة غير حقيقية له ..
يجب على الجميع ( أقصد الملسمين ) إذا كانوا صادقين يجب عليهم أن يفخرون بأنهم مسلمون وإسلاميون ..
كما يجب عليهم أن لا يعمموا اخطأ الأشخاص ويسقطونها على الجميع .. وإذا كانوا مؤهلين .. يجب عليهم دراسة التراث الإسلامي .. ولا مانع من نقده نقدا علميا بعيدا عن التجريح أو التنقيص .. لا يوجد في الإسلام إلا كتاب واحد صحيح مطلقا فوق النقد وهو القرآن الكريم .. أما بقية الكتب فيؤخذ منها ويرد .. ولذلك لا مانع من إعادة قراءة أي كتاب وتبيين الأخطاء فيه إن وجدت مع الاعتراف بفضل صاحبه ومكانته دون سخرية أو استهزاء أو انتقاص أو تحجيم ..
أخيرا /
ـ يجب كما نُشيد بحرية الغرب في احترام آراء بعضهم البعض .. يجب أيضا أن نحترم حرية بعضنا البعض .. المشكلة التي يقع فيها الكثير من المناهضين للإسلام .. يقولون لا نريد الوصاية من أحد .. بينما هم يمارسونها بكل أريحية ، يقولون لا نريد مزيدا من الوعظ والنصح.. بينما هم - ليلا نهارا - يروّجون لأفكارهم .. ويسوقون لمبادئهم .. فهم وعاظ ويمارسون الوعظ والوصاية بطريقة أو بأخرى فقط لما يعتقدونه .. فأصبح الوعظ جائز لهم .. وحرام على غيرهم .. أي منطق هذا
ـ
ختاما / تلك كانت مجرد أفكار وخواطر لعلها تحافظ على بعض التوزان / إن كان فيها شيء من الصواب فما توفيقي إلا بالله وإن كان فيها خطأ أو زلل فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله العظيم من كل خطأ وزلل ..
كتبها حامد علي عبد الرحمن
التعليقات