• ×

10:39 صباحًا , الجمعة 19 سبتمبر 1445

الإسلاميون والرجل الذبابة / حامد علي عبد الرحمن

بواسطة : admin
 0  0  1971
زيادة حجم الخطزيادة حجم الخط مسحمسح إنقاص حجم الخطإنقاص حجم الخط
إرسال لصديق
طباعة
حفظ باسم
 الإسلاميون والرجل الذبابة / حامد علي عبد الرحمن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد
لا يحزنك شيء في هذا الدنيا قدر ما يحزنك أن ترى مثقفا أو متعلما يظلم نفسه ظلما كبيرا .. وأصعب الظلم أن يظلم الإنسان نفسه ..
يركب الموجة .. يتمادى .. وربما يكذب وربما يبالغ وربما ينافق طمعا في شهرة أو مال أو جاه .. ثم .. لا يحزنك شيء بقدر ما يحزنك التلون والتصنع والتشكل حسب ما ( يطلبه المستمعون )
تحسب الرجل كبيرا .. كبيرا في ثقافته .. كبيرا في علمه .. كبيرا في فهمه .. كبيرا في مواقفة .. ولكنك تتفاجأ بتنازلات .. بتغيرات .. بانسلاخات تتجاوز الجلد إلى الأعضاء وتتجاوز السطح إلى العمق تصل إلى الهيكل ..
أعيذها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
ما أثار حفيظتي وجعلني أكتب هذه المقالة هو مقالة طويلة قرأتها لأحد الكتاب لمّح فيها وشكك فيها في وطنية الملتزمين والذين ينعتهم عادة بالإسلاميين وكان قبلها لا يتورع في إسقاط التهم عليهم ( التخلف الرجعية الإرهاب .. الخ ) وكأن بينه وبين الله ورسوله عداوة ..
وللتوضيح : في مقالي هذا أنا لا أقصد شخصا بعينه وإنما أقصد شريحة ذبابية نسبة إلى الذباب إن صح التعبير بدأ طنينها يتزايد وعفنها يتطاير وأذاها ينتشر .. فهناك الكثير على شاكلة صاحبنا هذا هدفها البحث عن الشبه فقط والاختلافات والأخطاء والنقص والخلل هدفها باختصار كبير الأوساخ والجروح لا تقع إلا عليها .
حتى في تعاملهم مع القرآن الكريم والحديث الشريف والصحابة وإن سكتوا عنها فما ذلك إلا ( تقية ) .. تجدهم ( يقتبسون من القرآن ما يتناسب مع أهوائهم ومن الحديث ما يخدم أغراضهم ومن سير الصحابة وخاصة الخلفاء الراشدين ما يحقق مبتغاهم ) ويتجاهلون ما عدا ذلك .. ولكن يفضحهم كلامهم وتكشف عن حقيقة نواياهم وعقيدتهم تصريحاتهم وكتاباتهم وميولهم وأهواؤهم .. ويعرّيهم ويكشف أوراقهم حبهم وولاؤهم ومدحهم وثناؤهم
قال تعالى : عنهم لَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ
ولتعرفنهم في لحن القول أي : فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم ، فيفهم من معاني كلامهم وإيحاءاتهم وإيماءاتهم إلى أي الحزبين انتماؤهم ، وهو المراد من لحن القول ، كما قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه : ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه ، وفلتات لسانه .
تجدهم يتحدثون عن الضمير والإخلاص والإنسانية والصفاء والنقاء وهم أبعد ما يكون عن كل هذا .. لا يوجد ضمير مجرد هكذا بدون دوافع ( انظر مقالة لي بعنوان خرافة الضمير المجرد ) .
يريدون أن يفصلون الدين عن الدنيا.. وهل ذلك ممكن .. يمكن أن يكون ذلك ممكنا إذا استطعنا أن نفصل الروح عن الجسد ويبقى الجسد حيا .. منذ قيام الدولة الإسلامية الأولى .. من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم والدين يدخل في كل مناحي الحياة وخاصة السياسية منها ( الجهاد والحرب والتعامل مع الأسرى والغنائم المعاهدات والاتفاقات ) ألم يقرؤوا القرآن .. الدين يدخل في كل شيء تقريبا .. هل هذا إسلام سياسي أو تسييس للدين نعم فليكن وماذا في ذاك ؟ وأي ضرر في ذلك .. الملك عبد العزيز رحمه خرج نصرة للإسلام واعتمد القرآن والسنة شريعة ودستوراً ..
عندما يدخل الإسلام في السياسة نضمن العدالة والحرية .. " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله "
يتحدثون عن كل شيء جميل إلا عن الدين والتدين والالتزام بالسنة .. يمجدون القيم ويحترمونها شرط أن لا نقرنها بالدين.. يمدحون الأخلاق والفضائل شرط أن لا تنسب إلى الدين وخاصة الدين الإسلامي .. تتحدث عن النصارى وعن اليهود حتى عن الهندوس لا بأس .. لكن تتحدث عن الإسلام ومبادئ الإسلام .. لا .. أنت مؤدلج .. صحوي .. إخواني .. إرهابي ...
يلتمسون العذر لغيرهم حتى وأن اختلفوا معهم بحجة أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية وبحجة حرية الرأي والتحضر واحترام الاخر .. لكن لا يطبقون ذلك على الإسلاميين .. الإسلام والإسلاميين ليس لهم هذا الحق .. هم عرضة للسهام فأعراضهم مباحة ودماؤهم مستباحة وجراحهم وجبة دسمة لهذا الذباب الذي لا يفتأ ولا يكل ولا يمل من تصيد أخطائهم وفلتاتهم حتى وإن كانت شخصية وإسقاطها على الجميع . يُطلب منهم ما لا يطلب من غيرهم من الكمال وكأنهم ملائكة . خطأ واحد لهم يُضّيع حسناتهم وزلة واحدة منهم لا يغفرها عشرات المآثر والأفعال الأخرى إن حصل وأخطأ أحدهم تقوم الدنيا ولا تقعد من هذا الذباب الذي يتربص بالإسلاميين الدوائر .
هذه النوع من البشر ليس له من التحضر والوعي والإنصاف إلا الادعاء فقط .. يستخدم كافة المنصات والوسائل المتاحة لنشر فكره وسمومه والترويج لها وعندما يسمع أحد الإسلاميين يعظ أو يدعو إلى الله أو يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر ينتقده ويكثر الكلام في أسلوب الوعظ وأنه أسلوب متخلف رجعي وإنها وصاية مرفوضة ..
ونسي أو تناسى وربما جهل .. والجهل مصيبة .. أن الوعظ هو وسيلة الأنبياء والرسل .. قال تعالى عن ذلك : قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ وقال تعالى : فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وقال تعالى : قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ وقال تعالى : ذلكم يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر وقال تعالى : يعظكم الله ان تعودوا لمثله
وغيرها الكثير من الآيات والأحاديث .. لو ذهبنا نتتبعها لطال بنا المقال
كيف حولوا صورة الوعظ والوعاظ إلى صورة سلبية ونفروا الناس منه وشوهوا صورته ؟ إنه طبع الذباب لا يقع إلا على الشيء القبيح استغلوا نماذج قليلة من أخطاء الوعاظ وأسقطوها وعمموها ..
بعض البشر مثل النحل .. يبحث عن الأزهار والورود ليقع عليها ويجني منها ألذ أنواع العسل .
والبعض مثل الذباب أجلكم الله .. لا تبحث إلا عن الأوساخ والجروح متى وجدتها وقعت عليها واستقرت فوقها بل وتضع بيوضها فيها .
تاريخنا الإسلامي مليء بالإنجازات والحضارات والمواقف الإنسانية العظيمة .. لا يراها البعض ولا يمكن أن يروها لأنهم ذباب .. والذباب لا يستطيع أن يشاهد الأشياء الجميلة .. هو يبحث عن ما يلائم طبعه وحاجته .. يبحث في سيرة فلان وفي أقول فلان من الأئمة حتى يجد شبهة أو خطأ أو ما يقدح فيها فيبادر إلى نشرها والحديث عنها وتضخيمها
إن يسمعوا ُسبةً طاروا بها فرحا *** مني وما يسمعوا من صالحٍ دفنوا
صمُ إذا سمعوا خيرا ذكرت به *** وإن ذكرتُ بسوءٍ عندهم أذنوا
إن يعلموا الخيرَ أخفوه وإن علموا *** شرا أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا

ماذا بقي أيها الأحبة ؟
بقي أن نختم بالتأكيد على إن الإسلاميين أكثر وطنية وأكثر إخلاص من غيرهم وكل ما زاد الإنسان في الالتزام والتدين زاد في حبه وولائه لوطنه ولولي أمره .. عند الإسلاميين طاعة ولي الأمر عقيده ودين إنها طاعة لله ولرسوله
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا .
وماذا بقي أيضا :
بقي التأكيد أن هؤلاء المتلونين المتناقضين الأقل تدينا هم الأقل وطنية .. هناك فرق كبير جدا جدا بين من يحب وطنه وولي أمره عقيدة ويدين الله بذلك وبين من يحبه كلاما وتنظيرا فقط .. فرق كبير جدا بين الثابت على الحق والمتغير (مع الخيل يا شقراء) اليوم معك وبكره عليك .
كانت مجرد خواطر وأفكار شاردة أحببت أن اشارككم بها فإن احسنت فمن الله وإن أسات فمن نفسي والشيطان .. هذا وسلامتكم ..
كتبها / حامد علي عبد الرحمن

مقالات لها علاقة بالموضوع أنقر فوق الموضوع/
صحوي أم إخواني
رهاب التدين
حوار مع صديقي الممسوخ
فلسفة التفكير وخطورة الفكر

[/size][/font]

التعليقات

التعليقات ( 0 )

التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:39 صباحًا الجمعة 19 سبتمبر 1445.